رواية امرة العقاپ بقلم ندي محمود توفيق

موقع أيام نيوز


ناحية أمها فانتفضت جلنار فورا من مكانها تبتعد عن الكاميرا ثم جذبت الهاتف من يد ابنتها واخفت الكاميرا بكفها فسمعت صوته الخشن وهو يحاول تمالك أعصابه حتى لا تسمعه ابنته ويقول بلهجة صارمة 
_ ابعدي ايدك من على الكاميرا ياجلنار 
هبت جلنار واقفة واتجهت إلى الغرفة وأشارت لأبنتها أن تنتظرها بمكانها وستعود لها أغلقت الباب وازاحت يدها من على الكاميرا ولكنها أبعدت الهاتف من أمام وجهها وقالت بصوتها الرقيق المعتاد 

_ انا اتصلت بس عشان هنا كانت زعلانة وعايزة تشوفك وتكلمك لأنك وحشتها 
_ اخدتي بنتي ورحتي بيها
فين 
كان سؤال صريح ومحتدم منه لتجيبه هي بهدوء مستفز 
_ والمفروض إني اقولك عشان تاجي وتاخدها مني زي ما اتفقت مع بابا 
سمعت صيحته العالية التي خرجت من سماعة الهاتف 
_ مش إنتي رغبتك كانت الطلاق وصمتتي عليه كنتي متوقعة إني هسيبلك بنتي 
انفعلت هي الأخرى لتصرخ به في عصبية 
_ دي مش بنتك وحدك دي بنتي أنا كمان وأنا أمها ومن حقي تعيش بنتي معايا خصوصا وهي في السن
ده 
استشاط غيظا وصړخ بها مغتاظا 
_ جيبي الزفت التلفون ده على وشك مش بكلم نفسي أنا 
عدلت الهاتف ووجهت الكاميرا على وجهها لتصيح به في وجه أحمر من فرط الغيظ 
_ متزعقليش فاهم ولا لا 
تمعن للحظات في صورة وجهها الظاهرة أمامه في الهاتف وشعرها الناعم الذي ينسدل على كتفيها بانسيابية ووجهها الأبيض البريء والجميل وبعد أن امتصت رؤيته لها غضبه عاد يظهر على ملامحه من جديد وهو يهتف بنظرة ڼارية بعد أن وقعت عيناه على شفتيها المزينة بأحمر شفاه من اللون البنفسجي 
_ حاطة الروج ده ليه ! 
قالت بقرف وهي تقصد إشعال نيرانه أكثر 
_ عشان بخونك 
خرجت صيحة عڼيفة منه كانت كافية لتوضح أنها نجحت بكلمتين فقط أن تثير جنونه 
_ جلنار 
صاحت هي الأخرى باندفاع 
_ في إيه !! مش لما تسأل أنت الأول أسئلة منطقية هبقى ارد عليك كويس 
مسح على وجهه وهو يتأفف بقوة وبنفاذ صبر ليسأل للمرة الثالثة على التوالي 
_ آخر مرة هسألك إنتي فين 
جلنار بعناد وبنظرة متشفية 
_ مش هقولك ياعدنان وخليك كدا عشان تجرب الاحساس اللي كنت هتخليني احسه لما تاخد بنتي مني ولما تعرف أن الله حق وإنك أناني ومش بتفكر غير في نفسك سعتها هبقى اقولك احنا فين 
ولما تنتظر أن تستمع لرده الذي كان سيستمر في صياحه عليها حيث ضغطت على زر إنهاء المحادثة والقت بالهاتف على الفراش ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بابتسامة متشفية ومتغطرسة 
_ احسن أنت تستاهل أصلا تقعد محروم من بنتك كدا لفترة عشان تبطل نرجسيتك دي خليك على ڼار لغاية ما تتربي شوية مبقاش أنا جلنار الرازي أما ربيتك ياعدنان
بينما هو فألقي بالهاتف پعنف على سطح المكتب وهتف بوعيد حقيقي وهو يجز على أسنانه بغيظ 
_ ماشي ياجلنار وحياة أمي
لأوريكي النجوم في عز الضهر بس الاقيكي
في مساء ذلك اليوم 
تتابع الطريق بصمت من نافذة السيارة وكل آن وآن تلقى نظرة خاطفة على الجالس بجوارها في مقعد القيادة لا تصدق أنها قضت اليوم كاملا معه تساعده في كل شيء ويتبادلون أطراف الحديث بتلقائية لم تكن تصدق أنها ستتحلى بها أمامه رغم أنها كانت ساعات مرهقة للأعصاب إلا أنها سعدت جدا بها وبقربها الجديد منه وكعادته كان لطيفا ومرحا يشعر بارتباكها منه فيحاول امتصاصه بشكل غير مباشر حتى تمكن بالأخير من فك قيود حيائها ! 
سمعت صوته الرخيم ليجذبها من شرودها 
_ زينة تلفونك بيرن !! 
انتبهت لاهتزاز هاتفها في يدها وصوته الصاخب فأجابت فورا على والدتها 
_ أيوة ياماما 
_ إنتي فين يازينة ليه اتأخرتي كدا ! 
نظرت لآدم بابتسامة صافية ثم أجابت على أمها بصوت خاڤت 
_ كنت مع آدم يا ماما في المعرض وجاية في الطريق أهو معاه 
_ طيب ياحبيبتي وسلميلي عليه أوي الندل ده 
وصل صوتها في الهاتف إلى أذنه فقهقه عاليا وقال بصوت عالي حتى يصل لها 
_ ربنا يخليكي ياخالتو ياحبيبتي جهزي عشا حلو بقى من إيدك الحلوة عشان الندل هيتعشى معاكم النهردا 
انزلت زينة الهاتف وفتحت مكبر الصوت ليسمع صوت خالته وهي تقول بفرحة 
_ ده بجد ياولا تتحسد يا آدم من عنيا هجهزلك احلى عشا وخلي أسمهان تولع فيا وفيك بقى 
_ لا متقلقيش عدنان وفريدة هيتعشوا معاها النهردا مش هتتعشى وحدها 
_ طيب الحمدلله يلا توصلوا بالسلامة 
أعادت زينة الهاتف إلى أذنها وودعت والدتها ثم اغلقته وبذهنها صراعات عڼيفة ستقضي المزيد من الوقت معه وهذا يعني المزيد من
الاضطراب جذبها بصوته للمرة الثانية ولكن بنبرة متعجبة 
_ إنتي لحقتي تسرحي تاني يابنتي ! 
ابتسمت وهتفت بتلعثم 
_ م معلش أصل بفكر في كام حاجة فعشان كدا سرحت صحيح قولي مفيش أخبار عن جلنار وهنا يا آدم 
تنفس الصعداء وهتف بعبوس 
_ للأسف مفيش محدش عارف يوصلهم وعدنان من كتر الهم والزعل بقى شخص تاني تماما 
زمت شفتيها وقالت بإشفاق 
_ طبيعي هو متعلق بهنا أوي وجلنار غلطانة جدا في
اللي عملته 
آدم بخنق 
_ أنا رغم ضيقي منها
 

تم نسخ الرابط