رواية امرة العقاپ بقلم ندي محمود توفيق

موقع أيام نيوز


واتخذ تلك الخطوة منذ زمن ربما لم تكن لتمر بكل هذا ولم يكن هو أيضا ذاق ألم العشق والفراق بهذه الطريقة القاسېة وهاهي لأول مرة تشعر بحبها الحقيقي لرجل وربما هو الوحيد الذي يشعرها بالآمان والاطمئنان طالما هو معها 
انتشلها من شرودها صوت والدتها التي وقفت بجوارها وراحت تغسل إحدى الصحون المتسخة في الحوض وقالت 

_ زينة سرحانة في إيه خلي بالك على القهوة اللي قدامك احسن تتدلق عليكي 
ردت بخفوت مبتسمة 
_ حاضر ياماما 
فور انتهائها من تحضير القهوة التزمت الصمت لبرهة من الوقت ثم تنحنحت بصوت مسموع في خجل وقالت بهمس رقيق 
_ ماما إنتي مش قولتيلي قبل كدا إن هشام طلب إيدي منك ! 
رمقتها ميرڤت مطولا باستغراب ثم هزت رأسها بالإيجاب وسط ابتسامتها الماكرة وكأنها متوقعة بقية الكلام ! وبالفعل كما توقعت حيث توترت الأخرى بشدة وهي تجيب في صوت منخفض من فرط الخجل 
_ أنا موافقة 
ضحكت ميرڤت وردت بثقة ونظرة جانبيه 
_طيب ما أنا عارفة 
_ عارفة إيه !! 
_ عارفة إنك هتوافقي من وقت ما عرفتي إنه مسافرش وبدأت علاقتكم ترجع زي الأول وإنتي اتغيرتي أوي يا زينة وأنا أمك واكتر واحدة تفهمك وتعرفك
وكنت منتظرة اسمع منك الرد بالموافقة من نفسك ومن غير ما اقولك عشان كدا مسألتكيش تاني 
ابتسمت باستحياء واجفلت نظرها أرضا ثم ردت بخفوت وصوت رخيم 
_ مش عارفة ياماما بس حاسة إن هشام هو الشخص اللي كنت مستنياه وبتمناه وإنه هيسعدني بجد وهيعوضني عن كل حاجة وحشة شوفتها في حياتي وكمان 
توقفت بسبب خجلها من متابعة عبارتها لكنها أكملت بصعوبة بين وجنتيها الحمراء 
_ كمان حاسة إني بدأت انجذب ليه يعني ! 
ضحكت ميرڤت بحنو ثم اقتربت منها وضمتها بحضنها متمتمة 
_ وأنا متأكدة إن هشام هو الشخص المناسب ليكي يازينة يعني هسلمه حتة من قلبى وأنا مطمنة 
اردفت بحب شديد وسعادة 
_ ربنا يخليكي ليا ياماما 
شعرت بقبلة دافئة من أمها فوق شعرها بعد عبارتها الأخيرة فاتسعت ابتسامتها الفرحة والمتحمسة أكثر وبالأخص عندما تخيلت ردة فعله كيف ستكون عندما تخبره
بموافقتي على الزواج منه ! 
داخل منزل الشافعي تحديدا بغرفة أسمهان 
تجلس فوق مقعدها الهزاز الخاص بها ودموعها تنهمر فوق وجنتيها بغزارة في صمت باتت على استعداد لفعل أي شيء حتى يعودوا أبنائها لها قلبها ېنزف دما 
حزنا وشوقا لهم أيام طويلة مرت منذ تلك الليلة المشؤومة ولم تراهم أو تسمع صوتهم لمرة واحدة وكل محاولاتها البائسة للوصول لهم والتحدث معهم تنتهي بنفس النتيجة المؤلمة ! 
كانت تحتضن بيدها صورة تجمعها معهم وتتمعنهم بيأس وبكاء واناملها راحت تتلمس وجوههم فوق الصور بحړقة وتهتف وسط بكائها 
_ هونت عليكم ياحبايبي تسيبوني سامحوني واوعدكم إني مش هعمل أي حاجة تاني تضايقكم مني أنا عرفت غلطي خلاص وندمت صدقوني ! 
توقفت لبرهة تنخرط في موجة بكائها ثم عادت تكمل وهي توجه حديثها لعدنان بالبداية 
_ عايز تحرمني منك ياعدنان أنا مقدرش على بعدك ياحبيبي ده أنت روحي وأول فرحتي أنا عملت كل ده عشان مصلحتك كنت خاېفة عليك من جلنار 
خاېفة إنها ټوجعك وتاخد فلوسك بعدين مكنتش اعرف إنك بتحبها بجد وللدرجة دي أنا آسفة يابني سامحني أنا عرفت غلطي 
ثم توقفت للحظة ووجهت حديثها لآدم الذي راحت تبكي بۏجع حين تذكرته وتقول 
_ كنت بقول لو الدنيا كلها وقفت ضدي آدم الوحيد اللي هيفضل جمبي ده إنت ابني الحنين وحبيب أمه اللي مش بيستحمل يشوفني زعلانة للحظة كدا يا آدم تسيبني وحدي ياحبيبي هونت عليكم تقسوا عليا ولا تسألوا فيا للدرجة دي أنا مش زعلانة منكم بس ارجعولي وسامحوني 
ثم رفعت الصورة لصدرها ټحتضنها وتبكي بصوت مرتفع لدرجة أن صوت شهيقها وصل للخارج وكانت الخادمة في طريقها إلى غرفتها وحين سمعت صوت بكائها ترددت بالبداية لكن حسمت قرارها اقتربت لتطرق الباب عدة طرقات خفيفة فتسمع صوتها يسمح الطارق بالدخول بعد برهة من الوقت 
فتحت الباب ودخلت ثم تقدمت منها قليلا وقالت باهتمام 
_ أسمهان هانم علاجك معاده عدي ولازم تاكلي عشان تاخديه عشان خاطري كلي أي حاجة ياست هانم ده إنتي وشك بقى قد اللقمة ومعدش فيكي حيل تقفي على رجلك من عدم الأكل 
أسمهان بعناد وصوت مبحوح 
_ مش عايزة أكل سبيني وحدي واطلعي برا 
الخادمة بإصرار وڠضب ملحوظ في نبرتها 
_ لا مش هسيبك غير لما تاكلي مش هستني لغاية ما تجرالك حاجة بعيد الشړ من عدم الأكل
أردف أسمهان بنفاذ صبر وخنق 
_ قولتلك سبيني وحدي واطلعي ياسماح 
_ هطلع بس هروح اجبلك الأكل واجي 
استدارت وقبل أن تخطو خطوة واحدة للخارج تذكرت شيء جعلها تتصلب بأرضها تفكر مترددة تخبرها أم ليس له داعي بهذا الوقت لكنها سمعت صوت أسمهان تسأل 
_ في إيه واقفة مكانك كدا ليه ! 
التفتت لها وقالت بتوتر 
_أصل في حاجة كدا والصراحة مش عارفة اقولك ولا لا ياهانم 
_ حاجة إيه دي قولي يا سماح علطول من غير مقدمات
 

تم نسخ الرابط