رواية امرة العقاپ بقلم ندي محمود توفيق

موقع أيام نيوز


شيطان فريدة وجميلة يخلق فجوة جديدة بينهم 
يستمر صوت عقلها المزعج بتأنبيها والقاء اللوم عليها أنها منحت هذه العلاقة الفانية فرصة أخرى !! هل كان عليها أن ترفض الفرص الجاهزة التي قدمت إليها لكي تنعم بحياة مستقرة كما تخيلت أم أنها لم تخطأ بموافقتها ! 
استقامت واقفة من الفراش واتجهت إلى الحمام لكي تأخذ حمامها الصباحي فتحت صنبور المياه ووقفت أسفلها مغمضة عيناها تحارب صراع عقلها المؤذي ! 

دخل عدنان الغرفة وسمع صوت المياه بالحمام فتنهد الصعداء بضيق ملحوظ ثم تقدم من جهة الحمام حتى وقف بجوار الباب يستند بكتفه على الحائط ويستمع إلى صوت المياه المنهمرة في الداخل 
ليتها تدرك حقيقة ما يضمره لها بقلبه وتتوقف عن التشكيك بصدقه مازالت لا تستوعب أنها جعلت منه انسانا مختلفا ولا تدري أنه يتمنى لو أن ذلك الماضي لم يكن موجودا من الأساس إن كان يوجد نطفة بيضاء وجميلة بذلك الماضي فبالتأكيد ستكون هي ! 
مرت ثلاث دقائق بظبط ثم توقف صوت المياه وبعد برهة قصيرة من الوقت وجدها تفتح الباب وهي تلف جسدها بمنشفة بيضاء كبيرة وتترك العنان لشعرها المبتل فوق كتفيها وظهرها 
انتفضت فزعا حين رأته أمامها بينما هو فڠرقت عيناه بسحرها وجمالها الملائكي وارتفعت لثغره بسمة مغرمة دون أن يحيد بنظره عن وجهها 
اضطربت قليلا وتفادت النظر لوجهه متمتمة بإيجاز وخفوت حتى تنهي تلك اللحظات 
_ صباح الخير 
تفوهت بالجملة وتحركت من أمامه تهم بالابتعاد لكنه قبض على ذراعها وخرج صوته مخټنقا 
_ لغاية امتى هنفضل كدا !! 
لم تتطلع إليه ولم تجيب فقط انحرفت عيناها بتلقائية عليه فانتبهت لرقبته من الجانب التي بها حړق كبير ويعطي احمرارا شديد ففغرت فمها بدهشة وشهقت بقلق لتجذب يدها من قبضته بقوة وتقف ملتصقة به من الجانب تمعن النظر برقبته وترفع أناملها الرقيقة ټلمسها برفق هاتفة 
_ إيه ده يا عدنان !
مال برأسه للجانب يزفر بحنق دون أن
يجيب عليها فتابعت هي باهتمام وقلق 
_ الحړق ده حصل امبارح في الحريق صح 
_ أنا كويس 
كان ردا حازما منه بعد ضيقه من معاملتها وتجاهلها وكان سيلتفت لينصرف لكنها قبضت على ذراعه تمنعه من التحرك وتجذبه معها إلى الفراش هاتفة بحدة واهتمام نابع من صميمها 
_ رايح فين تعالى اقعد هحطلك مرهم للحروق عشان الالتهاب يهدى شوية 
جلس على الفراش وقال بخشونة 
_ حطيت امبارح 
اندفعت إلى الإدراج تبحث عن العلاج حتى عثرت عليه فعادت إليه وجلست بجواره من جديد هاتفة 
_ مش كفاية مرة واحدة طبعا 
كان ساكنا تماما لها يتركها تتصرف كما تريد وهو يتنفس بقوة منزعجا لم تنتبه لملامحه وغضبه من فرط قلقها واهتمامها الذي دفعها لتعنيفه بقوة في سخط 
_ إزاي سايبه كدا المفروض يكون بيألمك جدا وبتتعصب عليها لما بهمل في نفسي وصحتي وإنت مهمل بالشكل ده
الټفت لها بعد كلماتها وطالت نظراته المنطفئة إليها يتذكر أحد مواقفهم معا منذ سنتين تقريبا 
كان ممدا فوق الفراش وبين كل لحظة والأخرى يصيبه سعال قوى ينقضه بمضجعه نفضا وهي تجلس
بجواره ترفض بشكل قطعي تركه والابتعاد عنه بعدما نهرها بقوة لتتركه حتى لا تصاب بالعدوى منه وكل خمس دقائق ترفع كفها لوجهه تتحسس حرارته باهتمام وسط نظراتها المشفقة والغاضبة منه 
تهتف باستياء 
_ بلاش عناد يا عدنان وقوم البس خلينا نروح للدكتور 
عاد يسعل من جديد ويجيبها برفض تام 
_ ده دور برد طبيعي وكلها كام ساعة وهكون كويس بعد ما اخدت البرشام خلاص بقى
ياجلنار ملوش لزمة القلق ده كله ! 
تأففت بنفاذ صبر وقالت مغتاظة 
_ إنت عنيد وزي ما إنت مش بتسحملي أهمل في صحتي أنا كمان مش هسمحلك قوم يلا البس
أصدر زفيرا عاليا بخنق وعدم حيلة ثم اعتدل في نومه وقال مغلوبا إمام الحالحها وعنادها الذي يفوقه اضعافا 
_ طيب يا جلنار هنروح للدكتور ارتحتي كدا !
ابتسمت براحة بسيطة ثم هبت واقفة وقالت
في إيجاز 
_ أنا هروح اشوف هنا وإنت البس ولو احتجت حاجة انده عليا
اكتفى بهز رأسه بالموافقة وتابعها وهي تنصرف وفور رحيلها مسح على وجهها متأففا بخنق تستخدم اسلوب مختلف في الإجبار وفرض رأيها يجعله ينصاع خلفها دون أن يشعر ! 
جذبه من بحر ذكرياته صوتها الناعم وهي تهتف بعتاب وإشفاق 
_ ليه دخلت كدا كدا كانت المطافي هتيجي الحريق كان شديد جدا يعني الحمدلله إنها جات على قد الحړق البسيط ده ومحصلكش حاجة 
اخترقت نظراته الثاقبة أعماق عيناها وتمتم بخفوت وبحة رجولية صادقة 
_ الحمدلله إنك سالمة وبخير ده أهم حاجة وبعد كدا مفيش أي حاجة تفرق معايا 
استقرت نظرة عابرة منها على وجهه قبل أن تشيح بنظرها وتحرك أصابعها برقة شديد فوق الحړق تضع المرهم وتغمغم بأسى 
_ بيوجعك 
هز رأسه بالنفي دون أن يرفع نظراته عنها يتأملها بتدقيق وحب القلق والاهتمام الذي يلمع بعيناها يسعده ويشعره بالارتياح تلك المشاعر الجميلة بينهم لا تحدث إلا نادرا لذلك يتمنى الآن أن يتوقف الوقت ولا تبتعد
 

تم نسخ الرابط