رواية مع وقف التنفيذ بقلم دعاء عبد الرحمن (كاملة)

موقع أيام نيوز


أمام باب شقة فارس كانت تود أن تراه صعدت مرة أخرى أربع درجات من السلم للخلف ووقفت تنتظره فهو يذهب إلى عمله صباحا فى هذا التوقيت وقفت أكثر من ربع ساعة حتى سمعت مقبض الباب يدور من الداخل والباب يفتح فتصنعت النزول وكأنها قابلته صدفة أبتسم لها قائلا
صباح الخير يا مهرة .. رايحة الامتحان 
أبتسمت فى خجل وقبل أن تجيبه وجدته قطب جبينه وهو يقول بجدية

أيه ده يا مهرة .. الحجاب صغير كده ليه
وضعت يدها على أطراف حجابها ونظرت إليه وقالت
مش صغير ولا حاجة.. ده كبير بس بلفوا بطريقة معينة زى صحباتى ما بيعملوا
حك ذقنه قليلا ثم طرق باب شقته فتحت والدته ونظرت لهما دهشة فأشار إلى مهرة وقال بضيق
خديها يا ماما لو سمحتى جوه خاليها تظبط حجابها
وقفت مهرة أمام المرآة تعدل من حجابها سريعا وهى تتمتم متبرمة
يا طنط كل صحابتى بيلفوا طرحتهم كده
كانت والدته تنظر إليها فى صمت وشرود وهى تتحدث وتمط شفتيها وتتمتم فى ضيق وتحرك يديها فى سرعة لتثبت دبابيس الحجاب جيدا حتى انتهت والتفتت إليها قائلة
ها كده كويس
أومأت لها والدته وقالت 
كويس.. يالا بقى علشان متتأخريش على مدرستك أكتر من كده
ألقى فارس نظرة سريعة على حجابها واستدار ليخرج متوجها لعمله وهو يقول
هجبلك النهاردة وأنا راجع خمارات لف ...شغل الطرح ده مش عاجبنى
حملت مهرة حقيبتها وخرجت تعدو لتلحق بموعد الأختبار وأغلقت الباب خلفها ظلت أم فارس تنظر إلى الباب المغلق واجمة وبداخلها مشاعر كثيرة ودت لو كانت مخطأة فيها .
الفصل الثامن عشر
أستيقظت مهرة فزعة من نومها تصرخ باسم فارس وتناديه جلست على فراشها تلتقط أنفاسها بصعوبة
كانت تبكى وهى نائمة على أثر حلم مفزع ولكنها فوجأت بالدموع ټغرق وجهها وكأنها كانت تبكى فى الحقيقة لا فى الحلم مسحت دموعها التى شقت طريقها فى ثبات على وجنتيها وأخذت تتمتم بالأستعاذة لتهدى من روعها قليلا وهى تدور بعينيها فى غرفتها لتتأكد أنها وحيدة فيها ولم يسمعها أحد نهضت متثاقلة من فراشها وهى تحيط جسدها بذراعيها لتبث الأمان فى نفسها فتحت نافذة غرفتها ليتسلل ضوء القمر إليها ويغمر وجهها مداعبا لوجنتيها أطلت برأسها للأسفل لعلها ترى خياله فى نافذته أو شرفته التى كانت غارقة فى الظلام أغلقت نافذتها واتجهت إلى فراشها مرة أخرى ولكنها سمعت صوته يتردد فى عقلها وهو يقول
لو شفتى كابوس أتفلى على الناحية الشمال ثلاث مرات واستعيذى بالله من الشيطان الرجيم ويستحسن تقومى تتوضى وتصلى ركعتين علشان تطمنى
توجهت مباشرة إلى الحمام توضات وصلت ركعتين أدخلا الطمأنينة فى نفسها ثم عادت لفراشها وقد داعب النوم جفونها فتثاقلت واستسلمت لنوم عميق
جلس فارس بجوار والدته حول مائدة الغذاء وبدأ فى تناول الطعام وهو يقول
مهرة رجعت من الامتحان ولا لسه يا ماما
هزت والدته رأسها نفيا وابتلعت طعامها ثم قالت
عندها درس بعد الامتحان على طول ..بتسأل ليه
ترك الملعقة من يده ونظر إلى والدته متسائلا
درس أيه ده وفين
نظرت إليه والدته بتفكير ثم قالت
مش عارفة درس أيه بالظبط اللى اعرفه أنها عندها درس ..بطلت أكل ليه
تناول ملعقته مرة اخرى وقال بضيق
أنا مبحبش قصة الدروس اللى مالهاش مواعيد دى .. وبعدين ما تاخد الدرس فى بيتها
لازم تروح تتنطط عند الناس بره والله أعلم بيوتهم عاملة ازاى وشكلها أيه.. وعندهم رجالة ولا لاء.
صمت قليلا ثم أردف قائلا
لما ترجع ابقى نادى عليها علشان عايزها.. لما نشوف أيه حكاية الدروس دى
شردت والدته قليلا وهى تقلب طعامها فى طبقها عدة مرات حتى لاحظ هو ونظر إليها وتسائل باهتمام
مالك يا ماما مبتكليش ليه
وضعت أمه معلقتها وشبكت أصابعها أمامها وهى تستند بمرفقيها على المائدة ونظر إليه بعمق وقالت
تسمح ملكش دعوة بالحكاية دى .. مهرة كبرت يا فارس ومينفعش تفضل تتعامل معاها كده وبعدين اخوها يحيى كبر وبقى راجل وهو اللى يقولها رايحة فين وجاية منين والكلام اللى انت عاوز تعمله ده
قالت جملتها الأخيرة وهو ينظر إليها بدهشة لا يكاد يصدق ما يسمع فقال باستغراب
من أمتى وانا مش مسئول عن مهرة .. أنت قولتيلى الكلام ده قبل كده لما جبتلها الخمارات وانا مركزتش معاكى لكن لما يتعاد تانى يبقى فى حاجة انا معرفهاش
مدت يدها وربتت على يده وقالت بشفقة
أنا عارفة انك انت اللى مربيها وبتعتبر نفسك مسئول عنها.. لكن يابنى دلوقتى الوضع اختلف مهرة كبرت خلاص
ترك ملعقته ونهض وهو يقول بانفعال شديد
معنى انها كبرت انى خلاص أشيل أيدى من المسئولية.. وانا عارف أن اخوها مكبر دماغه وبره البيت طول اليوم وابوها مسافر وسايبهم .
أعتدلت والدته وهى تقول 
طب يابنى تعالى كمل أكلك مالك زعلت كده ليه
أتجه إلى غرفته وهو يقول باقتضاب 
معلش يا ماما شبعت.. عن أذنك هدخل اريح شوية
هزت والدته رأسها فى عدم رضا وهى تقول بأسف
ربنا يهدى الحال
دخل فارس غرفته متبرما ألقى جسده على الفراش كما لو كان يدفع حملا ثقيلا
 

تم نسخ الرابط