رواية خطايا بريئة بقلم ميرا كريم (كاملة)
المحتويات
اخوك
احتلت الصدمة وجهها وانحشر الحديث بحلقها ليستأنف هو برزانة وبنبرة عقلانية هادئة
اسمعيني لو سمحت انا عارف أنك متعرفنيش كفاية وعارف أننا شوفنا بعض مرات قليلة لكن أنا ارتحتلك ولقيت فيك حاجات مصدفتهاش قبل كده... مش هقولك حبيتك واضحك عليك وعلى نفسي بس هقولك معجب جدا بيك وبشخصيتك ولقيت فيك مميزات كتير أنا وبنتي محتاجينها...وصدقيني لو وافقتي هبقى اسعد حد في الدنيا واوعدك أنك مش هتندمي
اجابها بنظرات متحفظة وببسمة مريحة هادئة
قالي أنت صاحبة القرار
زاغت نظراتها بتوتر واطرقت برأسها ثم تهربت قائلة
انا هروح اشوفه فين علشان لازم نمشي الوقت اتأخر
شهد
جمدها بأرضها
فلا تعلم لم ارتجف بدنها حين نطق بأسمها مجرد دون ألقاب لتلتفت له بملامح متوترة حين استأنف برزانة وبنبرة هادئة
ابتلعت ريقها وتهربت بنظراتها متلعثمة
اللي فيه الخير يقدمه ربنا...عن اذنك
لتحين منه بسمة متفائلة ويدعو الله أن تكون من قسمته فمنذ الوهلة الاولى التي رأها تجسدت بها تلك السکينة و الانتماء والدفئ الذي طالما كان يفتقده في سنوات غربته.
طرقات على باب منزلها جعلتها تهرول تفتح الباب لتتفاجئ به أمامها ترددت لوهلة قبل أن تدعوه قائلة
انصاع لها ببسمة باهتة وإن فعل هرولو اطفاله له مهللين
بابي... وحشتنا
وانتو كمان يا ولاد
تعمدت ان تمنحه بعض الوقت معهم وجلست تباشر عملها على حاسوبها وبعد بعض الوقت
طلب هو منهم بأرهاق ظهر جلي على تقاسيم وجهه
معلش يا ولاد انا تعبان من الطريق ومحتاج اروح ارتاح
لتدخل هي
يلا ياولاد علشان هتصحوا بدري عندنا مدرسة الصبح
يامن عامل ايه دلوقتي
اجابها وهو يحل اول زرار بقميصه
الحمد لله فاق وكلها كام يوم ويخرج من المستشفى
إن شاء الله هيبقى احسن وهيخرج بالسلامة متقلقش
هز رأسه يستبشر بحديثها ثم اخرج مفاتيح سيارتها قائلا
معلش مقدرتش ارجعهالك قبل كده مكنش ينفع اسيب خالتي انا حتى هرجع لهم تاني بس بعد ما اشوف الشغل
نفى برأسه وهب واقفا ينوي المغادرة
لأ ملوش لزوم...
انا همشي محتاج ارتاح
استنى
قالتها وهي تفرك بيدها ولا تعلم من اين تبدأ مما جعله يتأهب بأهتمام بالغ لحديثها وهو يظن انها ستعدل عن قرارها بينما هي
كادت تفاتحه بأمر مساعدتها له بشأن عمله ولكن منعه رنين هاتفه الذي صدح بألحاح عجيب جعله يضغط زر الألغاء و يزفر حانقا ثم يتسائل بترقب وبنبرة صدرت منه راجية
اتكلمي يا رهف انا سامعك
رد طيب على التليفون
قالتها بعدما تكرر رنين هاتفه ليجيب حانقا على الطرف الأخر
ألو خير
وعندما اتاه الرد من الطرف الأخر ليسقط الهاتف من يده وتتجهم معالمه بشدة وتتشوش رؤيته لدرجة انه كاد يفقد اتزانه وترنح بوقفته مما جعلها تقترب منه تحاول ان تسنده متسائلة بقلق
حسن مالك في ايه
ايه اللي حصل
عجز عن نطق شيء من شدة جفاف حلقه النابع من صډمته... لتتمسك هي ذراعه كي تدعمه ولكن حالته تفاقمت واخذ يلهث وكأنه يعاني ليلتقط انفاسه ثم دون سابق انذار كان جسده يتهاوى مثل قلبها اسفل قدمها.
الواحد والاربعون
وإذا أساء إليك حبيب فقل له إنني أغفر لك جنايتك على.. ولكن هل يسعني أن أغفر لك ما جنيته على نفسك بما فعلت هكذا يتكلم عظيم الحب لأنه يتعالى حتى عن المغفرة
جلست ساهمة بعيون تحجر الدمع بها داخل احد اروقة المشفى ذاته الذي شهد على خسارتها فكانت تشعر رغم ثباتها إلا أن الأرض تدور بها و ومضات عابرة وأصوات متداخلة تطن برأسها للعديد والعديد من المواقف التي جمعت بينهم
فنعم رغم ما فعله بها إلا أنها لا تتمنى له السوء ابدا.
تعالى بكاء أطفالها ليطغو على عاصفة ذكرياتها لتضمهم وتحاول أن تجعلهم يكفوا عن البكاء ولكن بلا فائدة
ليغمغم شريف باكيا
بابي ھيموت يا مامي ويسبنا
لتعقب شيري ايضا وهي تنتفض مخټنقة بشهقاتها
مش هنشوفه تاني
تمزق قلبها حسرتا على أبنائها وواستهم متفائلة
هيبقى كويس هيبقى كويس بطلوا عياط
لم يكفوا عن بكائهم لترجهوهم هي باڼهيار بعدما كوبت وجهه تخفي هشاشتها وضعفها
كفاية كفاية متوجعوش قلبي اسكتوا
كان يقف في الزاوية البعيدة يطالع ما يحدث بعيون جامدة وبملامح ثابتة تخالف تلك الأعاصير الموجعة بداخله فقد تفاجئ بها وبصغارها داخل المشفى اثناء مداومته وشهد على خۏفها ولكن كعادته ألتزم بثباته الانفعالي وتقدم منهم ببسمة يجيد اقتناصها في أكثر اوقاته المحزنة ينحني أمام مقعدهم بجذعه ويقول للصغار محفزا
ابوكم هيبقى كويس متخافوش
نفى شريف برأسه و غمغمت شيري
لأ بابي هيسبنا على طول ومش
متابعة القراءة