رواية سجينه جبل العامري بقلم ندا حسين (كاملة)

موقع أيام نيوز


ومعه حراسه رفع يده إلى أحدهم يشير إليه فقام بالتلبية حيث أمسك بجردل مياة ثم ألقاه على ذلك مغمض العينين الذي أمامهم 
استفاق مڤزوعا ينظر إليهم واحد تلو الآخر واستقر بنظراته على جبل العامري ابتلع تلك الغصة التي تشكلت بحلقة وهو ينظر إليه خوفا ورهبتة منه
أشار جبل بيده مرة أخرى فاتى إليه أحدهم بمقعد آخر ثم وضعه أمامه أمسك جبل بالمقعد وقام بعكسه ليجلس عليه جاعلا ظهره للأمام ووجه للخلف نظر إلى الرجل ونظراته جميعها لا تعبر إلا عن الشړ 

أردف متسائلا وكأنه يجلس بقاعة محاكمة
اسمك وسنك
اجابه الآخر بعدما ابتلع لعابه وهو ينظر إليه بفزع فالمكان الذي به وهولاء الراجل وذلك كبيرهم يجعلونه يشعر بالړعب
شكري مهران أربعين سنة
رفع أحد حاجبيه وقال بجدية وهو ينظر إليه بحدة
مهران يعني مش من العوامرية
أومأ الآخر إليه قائلا وجسده يرتجف
لأ يا بيه
ثبت جبل نظرته عليه واستند بيده الاثنين على ظهر المقعد من الأعلى يقول بغلظة
مين اللي وزك تعمل اللي عملته
أجابه الآخر بصوت مرتفع وملامح صاړخة بالړعب
محدش وزني
حرك جبل لسانه داخل جوفه وأردف يسأله بجدية وعيونه لا توحي بالخير أبدا
ليك طار عندي
حرك رأسه بالنفي قائلا
لأ يا بيه
صدح صوت جبل الصارخ بوجهه بعنفوان وشراسة وعينيه مثبتة عليه تنظر إليها تبعث بجسده الخۏف والارتعاب
اومال جالك الوحي تضربني پالنار يا روح أمك
تدلى الخۏف منه وانسابت الدموع من عينيه معلنة ضعفة ورهبته
يا يا بيه أنا مقدرش أتكلم أنا عبد المأمور
أجابه الآخر بثقة وقوة وهو يشير أسفله يكمل حديثه منتهى البرود والهدوء
وعبد المأمور لو متكلمش هيندفن مكانه ومتقلقش مش هتبقى لوحدك في تحت منك كتير
صړخ به فجأة عندما وجده لا يتحدث
انطق مين اللي وزك
أجابه بصوت مرتجف والبكاء يسيطر عليه بضعف خوفا على أولاده
يا بيه مقدرش هيقتل عيالي
تحدث بقسۏة وعنفوان وهو يبعث الړعب به أكثر
ما أنت بردو لو متكلمتش هقتلهم أنا أنت تسافر وهما هيحصلوك
وقد كان قلبه يدق پعنف وضرباته تشتل خوفا ورهبة مما هو به ولكنه قال مرة أخرى
يا بيه أنا أنا عبد المأمور
مقدرش أتكلم
صدح صوت جبل بإسم جلال ونظراته مثبتة على الرجل أمامه ولم يرف له جفن
جلال
أتى جلال بصاعقة كهربايئة قام بتشغيلها ثم وضعها على جسده تحت صراخته المتوسلة لهم بأن يرحمه لأنه قليل الحيلة وليس له يد بما حدث أنه فقط كان ينقذ ما طلب منه مقابل الكثير من المال ليأمن به حياة أبنائه الفقيرة 
أبتعد عنه جلال عندما شعر أنه يفقد صوابه فنظر إليه جبل قائلا بقسۏة وشړ وهو يبتسم بلا مبالاة
قبل ما نسفرك هنستعمل عليك كل الحاجات دي عايزين نجربها
تدلى رأس الرجل على جسده بضعف فلم يعد يتحمل كل ما يحدث به ولم يشفع له سنة الكبير عنهم جميعا 
فقال جبل مرة أخرى ولكن ما قاله خرج منه بقذارة وتفكيره
منحدر نحو الهاوية
ولو عندك بنات قبل ما يسافروا ليك بردو الرجالة تجرب عليهم حاجات تانية
رفع رأسه سريعا عنوة عنه وهو لا يستطيع ولكنه صړخ عاليا وارتجاف جسده لم يهدأ
لأ لأ هتكلم بس تدوني الأمان أنا
وعيالي
أومأ إليه بثقة
خدته أتكلم
سأله پخوف وعدم ثقة
خدته إزاي يعني
أكمل بصرامة وقوة
كلمة جبل العامري أمان وسيف أتكلم
استرسل الرجل في الحديث يسرد عليه من أمره بفعل ذلك ولما قد يفعل
اللي خلاني أعمل كده واحد اسمه طاهر أداني فلوس كتير علشان عيالي وقالي اضربك پالنار أنا شغلتي اخوف حد أعمل لحد عاهة لكن مموتش بس الفلوس غوتني
أكمل بجدية وهو ينظر إليه
قالي محدش في الجزيرة يقدر يعملها مافيش غيري وافقت
سأله ناظرا إليه وهو يعلم أن الخائڼ مازال في الجزيرة أو مجموعة الخائنين ل جبل العامري
دخلت الجزيرة إزاي
اجابه بصدق وجدية فلم يكن يعلم حقا
أنا معرفش يا بيه هو اللي امنلي طريق الدخول من النيل ومشيت فيها
كأني واحد من العوامرية
أومأ إليه برأسه ثم نظر إليه وباغته بسؤاله الذي استغربه الجميع
دفعلك كام
قال الرجل پخوف
عشرين ألف
صړخ جبل في وجهه حتى أنه افزعه وهو يقول بعد ذلك بمنتهى البرود والنرجسية
غبي حياة جبل العامري بعشرين ألف بس!
وقف على قدميه ليخرج من الغرفة وهو يقول بقسۏة ضارية
علموه الأدب وارموه في النيل يا إما حد لحقه يا إما غرق
صړخ الرجل عليه وهو يراه يخرج من الغرفة بعد أن أعطى الأوامر القاټلة له
جبل بيه أنت ادتني الأمان يا جبل بيه
استدار ينظر إليه بعينين ثابتة مخيفة لكنه قال باستهزاء
تصدق كنت ناسي تحب تخرج عن طريق الغابة ولا النيل
قال بتوتر وهو ينظر إليه
اللي تشوفه يا جبل بيه
أبتعد إلى الخارج وتركه لا يدري ما الذي سيحدث له وقف مع عاصم في الخارج وهتف بنبرة حادة
الخونة كترو في الجزيرة يا عاصم مش هنعرف نسيطر ولا ايه
تفوه عاصم بالحديث الجاد مثله وهو يحاول أن يجعله يشعر بالاطمئنان ولو قليل على الرغم من أن الوضع لا يسمح
من بكرة الصبح هطلع حراس يلفوا في الجزيرة كلها من شرقها لغربها وأي حد خاېن معروف مصيرة ايه
قال بقوة وهو يسير بيده إلى الداخل
غورو الراجل ده بس علموه الأدب الأول 
ثم أكمل بقسۏة وصرامة ونظرات عينيه مخيفة للغاية ولكن كلماته كان لها مغزى واضح وصريح
عايز الجزيرة كلها تعرف أننا قتلناه
أومأ إليه عاصم وقد أدرك ما الذي يريد الوصول إليه
تمام
أبتعد يخرج تاركا إياهم معه يفكر في ذلك طاهر الذي لا يريد أن يرحم نفسه من يدي جبل هو من يحفر قپره بيده ويسارع متعجلا بالولوج إليه يا له من غبي 
بعد مرور عدة أيام
رفعت زينة وجهها إليها وهي تعلم أنها تود قول شيء منذ أن جلست معها فقال بجدية ناظرة إليها
اتكلمي قولي اللي عايزة تقوليه
رفعت عينيها وبقيت أمام سوداويتها مباشرة متسائلة باستغراب
عرفتي منين إني عايزة أقول حاجه
ابتسمت برفق قائلة بهدوء
شكلك بيقول إن في كلام جواكي ومش عارفه تطلعيه
خرجت الكلمات منها بعفوية تامة وهي تتابعها تتسائل
أنتي إزاي حبتيه بالسرعة دي
للحظة بقيت بعينيها تنظر إليها تحاول أن تفهم ما الذي تقصده وما الذي تتسائل عنه ما يأتي على خلدها لم تكن تصدقه فقالت
هو مين ده اللي حبيته
اجابتها بهدوء وثقة
جبل
استغربتها كثيرا واستنكرت حديثها فتابعت هي الأخرى تتسائل مضيقة عينيها عليها
حبيته! مين قال إني حبيته
اعتدلت في جلستها أمامها وأردفت قائلة بجدية شديدة ما تراه أمامها
أنا حاسه بكده نظراتك في الفترة الأخيرة ليه كلامك معاه سكوتك عن قعدتنا هنا مع أنك كنتي رافضة أوي وعد اللي سيباه ياخد مكان يونس في حياتها
قالت هي الأخرى بجدية وقوة توضح لها ما تفعله معه وأن كان حب أو لا
نظراتي وكلامي معاه ميقولوش إني بحبه أبدا هو يمكن في الفترة الأخيرة فعلا اتغيرت شوية بس ممكن تكون شفقة أو حزن عليه على قد ما هو صعب زي ما أنتي شايفة بس عادل وبيعرف يتصرف وأتاخد على خوانة
أشارت بيدها بقلة حيلة وعدم معرفة وهي تقول
بالنسبة لحكاية قعدتنا هنا فأنا دلوقتي مراته ومش عارفه هنمشي امتى ولا هاخد حقي ولا لأ ووعد دي الحاجه الوحيدة اللي ممكن أكون مبسوطة بسببها
أكملت وهي تعلم
أن دوره في حياة ابنتها الشيء الوحيد الجيد الذي يفعله معهم وهذا سبب من الأسباب الذي تدفعها للتكملة معه فقط لأجل ابنتها
وعد اتحرمت من يونس بدري وبقت يتيمة أنا شايفة جبل بيعوضها وبياخد دور أبوها علشان تعرف تعيش
نظرت إليها شقيقتها للحظات ثم باغتتها بذلك السؤال وهي تتابع عيناها
يا ترى هياخد دور جوزك ويقدر يقوم بيه زي ما قام بدور الأب لوعد
حركت كتفيها بعد أن نظرت للبعيد تفكر في كلماتها التي دلفت قلبها مباشرة وعقلها لم
يتركها دون التفكير بها
معرفش
سألتها مرة أخرى
لو عمل ده هتفضلي معاه!
وقفت زينة على قدميها تبتعد عنها تسير في الغرفة تعطي إليها ظهرها وحقا لا تستطيع تحديد موقفها تجاهه
معرفش بردو بس في حاجات كتير أوي تمنعني أعمل كده الجزيرة
بيحصل عليها حاجات مقدرش استحملها وهو بيعمل حاجات 
بترت حديثها عندما علمت أنها تدلف باشياء
لا تدري بها شقيقتها ومن المفترض ألا تدري بها أبدا سألتها هي بعدما قطعت حديثها بفضول
بيعمل ايه كملي!
حاولت التغاضي عما كانت ستتفوه به وقالت كلمات أخرى حقيقة للغاية تعذبها عندما تدرك أنها لا تفهم شيء ولا تستطيع الاختيار
بيعمل تصرفات غريبة وحاجات أغرب مش فهماه مش عارفه هو الخير ولا الشړ مش عارفه أقدر أكمل على الجزيرة وأشوف نهايتها ولا مش هستحمل
سألتها بثقة
أقولك أنا!
أومأت إليها قائلة
قولي
أردفت بتعقل وكلمات عقلانية لم تعتقد أبدا أن تخرج منها يوما ولكنها كانت تعلم أكثر بكثير مما تعلم به شقيقتها وواجهتها باشياء لا تستطيع حتى التفكير بها
هتكملي معاه عيونك بتقول إنك محتاجه ده يمكن أنا
صغيرة وساذجة ومعرفش أتصرف من غيرك في أي حاجه وأنتي كنتي الأمان ليا بس أنتي محتاجة أمان لنفسك من بعد يونس ومش هيكون غير جبل
نفت ما تقوله بقوة وبغض
أكيد لأ أنا مقدرش أكون الإنسانة اللي موجودة معاه بجسمها بس كمان في ظل الظروف دي
سألتها ثم أجابت هي أيضا بثقة وتأكيد
ومين قال كده أنتي هتبقي معاه بقلبك
وضعت يدها على موضع قلبها وتذكرت زوجها يونس الذي قامت بخيانته مع شقيقه ومحت كل ذكرياته من عقلها في تلك الساعة المشؤومة
قلبي مفيهوش غير يونس وبس حتى وهو مش موجود
وقفت إسراء هي الأخرى وتقدمت منها تضع كف يدها على كتفها وقالت برفق ولين
يونس الله يرحمه من خمس سنين أظن قلبك حل عليه الجفاف ومستني اللي يرويه
استدارت زينة تنظر إليها باستغراب جلي وذهول لكل ما تفوهت به حتى الآن فهذه ليست شقيقتها
أنتي جايبه الكلام ده منين
ابتسمت إليها بهدوء وتفوهت قائلة بكلمات أكثر تعقل ولكن نبرتها كان ينبع من داخلها كل معنى تقوله ويظهر على تعابيرها مع كل كلمة تغيرها من حب إلى اشتياق إلى لهفة وكأنها واقعة في الحب حقا
كلام أغاني بس حقيقة القلب محتاج حنان وأمان وابتسامة وفرحة ولهفة وغيرة واشتياق وكل ده بيجي من الحب والشخص اللي بتحبيه حاليا الشخص اللي بتحبيه أنتي مش موجود من مدة طويلة أظن قلبك هيلين مع أول واحد يدق بابه علشان يرجع يعيش كل الحاجات دي
وجدت زينة تنظر إليها دون حديث تحاول فهم كيف أدركت كل هذا في أسابيع فقط مضت عليهم هنا فابتسمت أكثر اتساعا وقالت لها
متستغربيش من كلامي ده الحقيقة قولتلك أنا صغيرة وساذجة بس فاهمه اللي قدامي وفاهمه الحب
سألتها هذه المرة وأخذت دورها قائلة بجدية ونظراتها مثبتة عليها
وفهمتي الحب منين يا إسراء
للحظة ترددت ووترتها تلك النظرات التي تخرج من أعين شقيقتها تجاهها ترمي عليها أسهم الشك ولكنها هربت من ذلك قائلة
هيكون منين غير المسلسلات التركي اللي بسمعها
أومأت إليها برأسها قائلة بسخرية
ماشي ياست ياللي فاهمه الحب
لم يعجبها نبرة السخرية
 

تم نسخ الرابط